هل يسهم التضامن في تعزيز الصحّة؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فكيف أمر كهذا؟ وما الذي نستطيع استشفافه من التحدّيات الصحيّة؟ في السنوات الأخيرة، وعلى ضوء سلسلة من الأزمات الصحيّة والبيئيّة، وعلى ضوء تطوّرات تكنولوجية طبيّة متطوّرة، تحولت أسئلة حول التضامن الى أسئلة مهمة في عدد آخذ بالازدياد من المجالات في حقلَيّ الطبّ وصحّة الجمهور. المثال الأبرز في هذا السياق هو عودة التكافل المتبادل على ضوء انتشار وباء الكورونا، ومناليّة التطعيمات في أرجاء العالم، والتوتر بين صحة الجمهور وحقّ الفرد على جسده. "الوضع العاديّ الجديد"، الذي يطلب من الجمهور أن يعيش مع (أو بجانب) الكورونا، يخلق منظومة معياريّة جديدة للحياة الاجتماعية، وثمة أهميّة فيها لمسألة التكافل بغرض مواجهة الأزمة الحاليّة والأزمات المستقبلية. لا يجري التعامل بعد الآن مع المخاطر الصحية بأنها مشروع مسؤوليّة شخصية فقط، بل كمسألة اجتماعية أيضا. التضامن يشكل مكوّنا مهمًا في المجهود الصحيّ الجماعيّ. من وجهة النظر هذه، يشكّل التضامن أحد العوامل التي تنهض بالصحّة في عصرنا.

قاعدة القيم التي ترافق التعامل مع تحديات في مجال الصحة والطب جرت صياغتها خلال النصف الثاني من القرن المنصرم، وعكست مفاهيم ليبْراليّة حول حقوق الفرد، والحريّة، والإرادة الحرة، وسعت إلى خلق قطيعة مع الطب الوصائيّ، الذي يمْكن تسميته في بعض الأحيان بالطبّ الاستغلالي والقمعي. بهذا المفهوم، تعتبر البيولوجيا الأخلاقيّة (وهي المجال الذي يسعى إلى تنظيم معايير السلوك في حقل الصحّة والطب) بيولوجيا أخلاقية ليبْرالية تضعُ الفرد في المركز، وتعزّز أفكارا نحو "الموافقة المدروسة"، وَ "الاستقلاليّة" وَ "مصلحة المريض"، وغير ذلك. في هذا الإطار المعياري يجري دفع قيم جماعيّة كالمساواة والصالح العامّ أو التكافل المتبادل نحو الهامش. لكنّ تجارب السنوات الأخيرة – "الوضع العاديّ الجديد"، والتعليمات بـ"العيش مع" حالة دائمة من المخاطرة، تستوجب التفكير المجدّد حول البيولوجيا الأخلاقية الليبْراليّة. في هذا الإطار المجدد للتفكير، نسعى إلى عرض ما مَفاده أنّ التضامن يشكّل أحد القيم الجماعيّة التي تحتاجها البيولوجيا الأخلاقيّة في أوقات الأزمة المتواصلة

يقترح المشروع التركيز على ثلاث حالات تشدّد كل واحدة منها على توليفة مختلفة لهذه المحاور. في سياق التبرع بالأعضاء البشريّة وتنظيم "هديّة حياة"، سنسبر أغوار الدمج بين "النزعة المجتمعية" و"نحن" كأيديولوجية تضامنية للتبرّع بالأعضاء البشريّة؛ في سياق التبرع بـ DNA للمستودعات البيولوجيّة (BIOBANKS) سنقوم بفحص القدرة الكامنة على تحقيق التضامن الذي ينظُر إلى أبعد من المصالح الاقتصادية، من خلال حسّ المسؤولية النيو-ليبرالي لدى الجمهور؛ وفي سياق التطعيمات ضدّ الكورونا سنبحثُ في السؤال التالي: كيف يمكن للتّضامن أن يتطور من خلال التوتّر القائم بين تجريد مفهوم "المجتمع"، وبين تاريخ النزاع والصراع بين فئات اجتماعية.

لقراءة النص الكامل عن المشروع >