جدال 9

إلى أي درجة تساهم قياسات الجودة في الطبّ في تحسين صحّتنا؟

تأليف
كوبي غلازر, شولي براملي-غرينبيرغ
الناشر دار النشر معهد فان لير
اللغة العبرية
سنة الإصدار 2007
سلسلة برنامج الاقتصاد والمجتمع

ثمّة ثلاثة لاعبين أساسيّين في فرع الخدمات الصحيّة: مستهلكو الخدمة (المرضى وعائلاتهم)، ومزودو الخدمات (الأطباء، والمستشفيات، وصناديق المرضى ومعالجون آخرين، وشركات الأدوية ومزوّدين من القطاع الخاص)، والمؤمّنون (من القطاعين الخاصّ والعام), في الكثير من المنظومات الصحية في العالم تلعب الحكومة دورا مركزيا- فهي المخطّط والمشرف، وهي التي تزوّد بجزء من الخدمات ومن التأمينات الطبية. ثمّة علاقات متبادلة بين جميع الأطراف وهي تتميّز بالالتباس وبفجوات في المعلومات بكل ما يتعلّق بالتشخيصات الطبية، والتكنولوجيّات والعلاجات التي تقف في واجهة الطب. وبسبب التعقيدات البالغة للخدمات الطبية، والتّغييرات التكنولوجيّة السريعة (التي يدور رحاها داخل هذه الخدمات)، فإنّ فجوات المعلومات هذه ما انفكّت تأخذ بالاتّساع، وتجد الجهات المختلفة صعوبةّ في التعلّم ومواكبة المستجدّات بالسرعة والدرجة المطلوبتين. تُظهر النظريّة الاقتصادية في العقود الأربعة الماضية (Arrow 1963; Akerlof 1970) أنّ آلية السوق التنافسية لا تخلق الفاعليّة إذا ما كانت هناك فجوات معلوماتيّة بين الجهات المختلفة في الفرع، وحتّى لو حاول منظّم مركزي الإشراف على المنافسة أو التدخّل فيها، فلن ينجح هذا بالضّرورة في تحسين الفاعلية.

إذا ما تولّدت فجوات معلوماتيّة بين المخطّط المركزي (الذي يتحوّل إلى لاعب آخر في الحلبة) وبين باقي اللاعبين في المنظومة، فقد تؤدي آليات تدخل من هذا النوع إلى مزيد من التراجع في الفاعلية. وبالفعل، فقد أظهرت الأبحاث الكثيرة التي أجريت في السنوات الأخيرة صورة قاتمة للغاية للأمور المتعلّقة بفاعلية المنظومات الطبيّة في العالم، وبقدرتها على تقديم الخدمات بالتّساوي.
الموارد التي يحتاجها المعالَجون الذين يستفيدون من العلاج بدرجة كبيرة لا تتوفر لهم على الدوام، كما لا تتوفر هذه الموارد على الدوام للعلاجات التي تشكّل ناتجيّتها الأعلى. وبسبب الارتفاع المتواصل في التكاليف الطبيّة في معظم الدول الغربية، تستثمر الكثير من الحكومات في العقود الثلاثة الأخيرة الكثير من الجهد في محاولة منها لزيادة فاعليّة الأجهزة الصحية، لكن، وعلى الرغم من هذه الجهود الحثيثة، لم تختفي مظاهر غياب الفاعلية على الرغم من أنها شهدت تراجعا طفيفا. بناء على ذلك توقّف صناع القرار عن التعامل غير المباشر مع غياب الفاعلية، واقترحوا عوضا عن ذلك التعامل مع جذور المشكلة، أي فجوات المعلومات بين الجهات المختلفة.الطريقة المقترحة لتقليص هذه الفجوات هي تطوير وتبنّي مؤشّرات للجودة، لكن هذا القياس ليس سهلا البتة. بما أن كل حالة طبية تختلف عن الحالات الأخرى فإن عمليّة القياس الكميّة لجودة العلاج الطبي تصبح أمرا عسيراً للغاية، وحتى مستحيلا في بعض الحالات. نرمي من خلال الورقة الحالية إلى عرض الخلاف حول المساهمة المحتملة لمؤشّرات الجودة (ودرجة استخدامها) كأداة لتحسين النّجاعة في فرع الخدمات الصحيّة، ومناقشة مواقف وتسويغات كل طرف من الأطراف.

الانضمام الى القائمة البريدية