ماذا جرى إذًا؟ إثنوغرافيا ذاتية لشظايا العنف على خلفية الانتماء الإثني
تتمثّل إحدى المشاكل الأساسية في حقل دراسة ظواهر القمع بالحاجة للتعامل مع كونها “محجوبة”. تنشط إلى جانب الواقع البلاغي، القائم على الالتزام بالتنوّع والمساواة وحقوق الفرد، منظومات من التنكّر والإخراس بما يتعلّق بدعاوى حول التمييز والغبن والعنصرية. تسعى الكاتبة في المقالة الحالية إلى اقتفاء أثر لحظات في الحياة اليومية حيث تتقاطع فيها الهوية الشرقية مع الهوية الأكاديمية، وذلك بغية فحص الحدود الرمزية المحدَّدة واختبار تجربة الغيرية البنيوية في وجه هذه الحدود وفي إطارها.
ترتبط لحظات الغيرية الموصوفة في المقالة الحالية بقضايا الإخراس والتكلّم، وحدود الهويات واجتيازها، والأهم من ذلك أنها تمثّل فعلاً لشظايا العنف الصادرة على خلفية العرق والانتماء الإثني. وتتمثّل هذه الشظايا في تبادل الكلام الضمني، الذي غالبًا ما يكون عفويًا وغير واعٍ، وكأن هذه الشظايا تشكّل منظومات لا تتوقّف عن الإساءة الموجَّهة يوميًا صوب أشخاص ليسوا بيضًا. يبدو للوهلة الأولى أن شظايا العنف هذه ليست شديدة الإساءة، ولكن وزنها المتراكم والثقل المرافق لها يشكّلان سوية عنصرًا مركزيًا في تفاعلات الأشخاص الذين يختبرونها. يعتبر اختبار الأشخاص بشظايا العنف هذه مركّبًا سائدًا في حياة الطلاب الجامعيّين وأعضاء الهيئة التدريسية من غير البيض، وتؤثّر على مسيرتهم المهنية الأكاديمية. إن أحد الأنماط المركزية المرتبطة بشظايا العنف يتمثّل في الإحساس بعدم الانتماء إلى الحيّز الأكاديمي والشعور بأن حضور هؤلاء ينتهك الوضعية “الطبيعة” للحرم الجامعي.
إن إحدى الطبقات القائمة في كتابة المنتمين إلى الأقليات حول تجاربهم الذاتية عن الغيرية تتمثّل في الصوت الذاتي. يمنحنا دمج الرواية الذاتية في الخطاب إمكانية إسماع صوت وكتابة نظرية تنبثق عن تجارب يعتصرها الألم والتعامل مع الإخراس. انطلاقًا من ذلك، واستنادًا إلى الإطار المعرفي النقدي الذي يفترض عدم القدرة على الفصل بين حاملة المعرفة وبين المعرفة ذاتها، فقد اختير لهذه الدراسة المتمثّلة في المقالة الحالية منهجية الإثنوغرافيا الذاتية، والتي هي نوع من الكتابة والبحث متداخل الأطر البحثية (Interdisciplinary) يقوم بموضعة الذات في سياقاتها الاجتماعية، ويقترح سبيلاً لمنح صوت للتجربة الذاتية بغية تعزيز فهمنا الاجتماعي.