تحوّل موضوع “ما بعد أوشفيتز”، ذلك التعبير الذي طبعه ثيودور أدورنو، موضوعًا مركزيًا في فكر الفيلسوف الفرنسي المعاصر جان فرانسوا ليوتار، ويبحث المقال في أسباب ذلك. ولتعزيز هذا المسعى البحثي يقوم المقال بتطوير ادعاء حول لحظة تحوّل مشارِكة في تشكيل فلسفة الأخلاق – تلك اللحظة التي انحرفت فيها فلسفة الأخلاق عن مسارها. امتدت موجات الارتجاج لهذا التحوّل الحاد لتصل إلى الخطاب الجمهوري في الغرب. يتصل هذا التحوّل بداية بالمسؤولية الأخلاقية لفلسفة الأخلاق (التي لطالما كانت هناك طيلة الوقت منذ عهد أفلاطون وحتى وقتنا الراهن) لأنْ تنأى بنفسها عن فلسفة هيجل النظرية (speculative philosophy) – تلك الفلسفة التي اندثرت في أوشفيتز، كما يعتقد أدورنو – والنأي بالنفس عن الاصطلاحات المركزية وتمييزاتها الأساس وعملياتها العقلية الفلسفية والأخلاقية. يفحص المقال الإسقاطات الفلسفية والأخلاقية لهذه المسؤولية.
يعزّز القسم الأول للمقال الادعاء القائل إن الموت الذي يحمل الاسم “أوشفيتز” هو أيضًا بمثابة حادث علامة على اندثار خطاب هيجل النظري. يشتمل هذا القسم على نقاش في الدلالات الفلسفية والأخلاقية والسياسية لهذا الاندثار. وتقوم في قلب هذا النقاش مسألتان شاملتان ترتبطان الواحدة بالأخرى وتتطوّر كل واحدة من داخل الأخرى: المسألة الأولى هي الأشكال التي تردُّ عبرها فلسفة الأخلاق على كارثة – كل كارثة وليست كارثة “أوشفيتز” فقط. أما المسألة الثانية فهي إعادة النظر في السبب المُشكِّل لعلاقة “نحن” – العلاقة التي تربط فيما بين أعضاء مجموعة أو مجتمع محلي أو أمة أو شعب معين. أما القسم الثاني للمقال فيرسم الملامح الممكنة للفكر الأخلاقي الذي يتعاطى مع مسؤولية “ما بعد أوشفيتز”، وبصورة خاصة في ظل موت نظرية هيجل في “أوشفيتز”، ويقوم بتطوير هذه الملامح في أعقاب فكر ليوتار.