رأي: (أين) اللغة العربية في جهاز التربية والتّعليم

نوغا فاينغلرانت | 06.02.2022 | تصوير: Unsplash

מאמר השפה הערבית

لماذا يغيب الاهتمام باللغة العربية عن مناهج التعليم في المدارس؟ وما المطلوب من أجل تحويل اللغة الأجنبية (الغريبة) للغة قريبة، لا يشعر من يتداولها بالتهديد والاغتراب؟ تشرح نوغا فاينغلرنت، المركّزة الأكاديمية لموضوعة إسرائيل في الشرق الأوسط، لماذا ينبغي بنا أن نتوقّف عن الخوف من اللغة العربية، وأن تبدأ بالتفكير بطرق غير تقليدية حول دراسة اللغة.

 

اللغة العربية في الخطاب الجماهيري العام

נגה פיינגלרנטأحيى الكنيست في الخامس والعشرين من كانون الثاني 2022 "يوم اللغة العربيّة"، بعد أسابيع قليلة من الخطاب الذي ألقاه النائب وليد طه باللّغة العربية في الكنيست وما تبعه من اهتمام بمكانة اللغة العربية في الكنيست وخارجها. حضور اللغة العربية على منصة الكنيست شكل خطوّة غير اعتيادية واستثنائية، وشدد بالتالي على غيابها الجاري، وعليه فقد أثار الخطاب بالعربية نقاشات عاصفة بين جميع أطراف الخارطة السياسية.
قبل ذلك بأسابيع طرِح الموضوع للنقاش من على صفحات صحيفة هآرتس، حيث تناولت حنين مجادلة المحو الذي تخضع له اللغة العربية في الحيز العام الإسرائيلي. في المقابل أشار أخرون (ومن بينهم رون غيرليتس) إلى النزعة الإيجابية المتمثلة في حضور آخذ بالتعاظم للّغة العربية في العديد في الفضاءات.
الاهتمام التي تثيره اللّغة العربية في الخطاب الجماهيري العام، والمشاعر التي تثيرها، يغيبان تماما عن منهاج التعليم التابع لوزارة التربية والتعليم. الفجوة بين حيوية النقاش الجماهيري العام، وجمود منهاج التعليم تثير الكثير من الاستغراب والتساؤلات.

 

 

لغة المنطقة

أهمية دراسة اللغة العربية كانت واضحة لسكان البلاد قبل وقت كبير من إقامة دولة إسرائيل، فقد أقيم معهد دراسات المشرق في الجامعة العبرية في العام 1926، وكان أحد اول معهدين فيها في مجال الإنسانيات. مضى أكثر من قرن على تأسيس دراسات اللغة العربية في البلاد، لكن كثيرون يعتقدون أن التغييرات التي طرأت منذ ذلك الحين طفيفة للغاية أو غير كافية. إسرائيل مغروسة داخل الشرق الأوسط، وتقع داخل بحر من الناطقين باللغة العربية الذين يعيشون داخلها وحولها، لكنّ الحضور الحي للّغة (اللغة المحكية واللغة الفصحى والثقافة التي ترافقها) والقدرة الفعّالة والنشطة بالعربية، هذا الحضور شبه غائب عن منهاج التعليم التابع لوزارة التربية والتعليم.
قام تقرير كتب في فان لير في القدس بالتعاون مع مبادرات إبراهيم "العرب، اليهود والعربية: تدريس اللغة العربية في إسرائيل وتحدياته"، قام باستعراض حقل تدريس اللغة العربية في البلاد من وجهة نظر تاريخية، ومن وجهة نظر طلبة وطالبات الفترة الراهنة. وكشف هذا التقرير النقاب عن أنّ تدريس اللغة العربيّة في البلاد يعاني من عدد من المشاكل المتأصلة من ناحية منهج التدريس، وكذلك بكل ما يتعلق بدافعية التعلم، وتأهيل المدرسين، وما شابه. وكشف التقرير النقاب أيضا عن أنّ الطلبة يريدون نوعا آخر من التدريس وأن يكون أكثر حيويّة، ويمكّن من دراسة اللغة العربية كلغة تواصل تنهض باللقاء بين اليهود والعرب. بالإضافة إلى ذلك، سعى التقرير إلى النهوض بمبادئ لتدريس اللغة العربية بواسطة منهج متطوّر وشامل، وشكل بالتالي محاولة أولى للتفكير التربوي بوضع مستقبلي يجري فيه تدريس اللغة العربية بدءا من الصفّ الأول ووصولا إلى الصفّ الثاني عشر. ويدّعي التقرير أن التفكير باللغة العربية كان حتى الآن تقليديا، وثمّة فرصة وحاجة للتفكير حول هذه اللغة خارج النطاق المعهود: التخيل كيف يجب تعلم اللغة العربية في المدارس العبرية في إسرائيل ومناقشة الأمر.

ד"ר יונתן מנדל מדבר על דוח הוראת הערבית בוועדת החינוך בכנסת, 25.1.22
د. يونتان مندل يتحدّث عن تقرير تدريس اللغة العربية في لجنة التربية والتعليم التابعة للكنيست 25.1.22.

بكلمات أخرى – إذا حظيت اللغة العربية بمكانة محترمة كموضوع أساسي بدءا من الصف الأول، وتحوّلت لاحقا إلى موضوع إجباري للبجروت، وإذا ما أخضِعَت لعمليّة إصلاح جدية بكلّ ما يتعلق بتأهيل المدرسين ودمج مدرّسين وباحثين عرب، فلا شكّ أن القدرات التي سيخرج بها الطلبة من جهاز التربية والتعليم ستتحسن تحسّنا ملحوظا، وستتحسن أكثر بكثير إذا مكّنتهم كفاءاتهم باللغة العربية من إدارة محادثة، وكتابة رسالة الكترونية بالعربية واستهلاك الثقافة العربية.
وبخلاف الإنجليزية وحتى الفرنسية اللتان يجري تدريسهما في بعض المدارس، فإن اللغة العربية ليست "لغة أجنبية" (لغة أجنبية ثانية، كما يجري تعريفها في المدارس). العربية هي لغة المنطقة ولغة 20% من مواطني الدولة، ولغة كثير من اليهود الذين هاجروا الى إسرائيل من دول المشرق، وعليه ثمّة حاجة لأن تكون خطة تدريس اللغة العربية مختلفة، ومتطورة، وتواصلية، وإدماجية، وتنهض باللغة العربية، وتعرّف على المتحدثين بها. ثمة قيمة بالغة لدمج مدرسين ومدرسات تشكّل العربية لغة الأم بالنسبة لهم، فبالإضافة للقيمة البيداغوجية للتعلّم على يد معلمين يملكون قدرة فطرية على إدارة محادثة باللغة العربية، ثمة قيمة تتمثل في كسر الأفكار النمطية وبناء جسر بين الثقافات والمجتمعات المحليّة، فاللغة في نهاية المطاف هي وسيلة اتصال بين الناس، ولا تختلف العربية بهذا المفهوم عن سائر اللغات. ملاءمة منهاج التعليم لهذا المبدأ ستعود بالفائدة علينا جميعا.

للاستزادة نعرض عليكم قراءة تقرير البحث "العرب، اليهود والعربية: تدريس اللغة العربية في إسرائيل وتحدياته"، ومشاهدة المقطع الذي يتحدث فيه د. يونتان مندل حول تقرير تدريس اللغة العربية في لجنة التربية والتعليم التابعة للكنيست (بدءا من الدقيقة 21:36).

الانضمام الى القائمة البريدية