الطبيعة تقيس قوّتها
المقياس هو خدعة إنسانيّة تمكّن من قياس العالم وتقديره. يقرّب القياس ظواهر أو يبعدها، ويخفّف التقدير من أهميتها أو يحذّر منها. تتطرّق المقالة إلى المقياس الممنوح للحرائق في العصر الحالي، على خلفية تصاعد قوتها واتساع رقعتها. يُعرض مقياس الحرائق بثلاث ساحات: الكتابة الجدليّة، ونقاشات السياسات وعلم التدريس في إسرائيل والفنّ الإسرائيليّ. تسهم الساحة الجدليّة في تطوير مقياس دراماتيكيّ ظاهر في مفاهيم “الميچا حريق” و”الحريق الهائل” وحتّى بالمصطلح البارز “عصر الأنثروبوسين”. تؤسّس هذه المفاهيم مقياسًا مطلقًا لحركة ذات اتجاه واحد صوب الانقراض والنهاية، ويفقد الحريق كونه جزء من الوجود العضويّ وإشارة إلى الحركة الدوريّة للفناء والتجدّد. تدخل الثقافة السياسيّة في إسرائيل المقياس إلى مفهوم محليّ للحياة على السيف، مقابل المقياس الكونيّ الواسع والأبوكاليبتي لعصر الأنثروبوسين؛ يضيع الموقف من الحرائق في الموقف السائد تجاه الصراع الإسرائيليّ-الفلسطينيّ، الذي يرى فيه عنفًا لا يمكن منعه. الساحة الثالثة التي تتناولها المقالة هي ساحة الفنون، التي تطرح بديلًا للتنظيم العاطفيّ والسياسيّ للكارثة المطلقة وللإرهاب المحليّ. أعمال ثلاث فنانات إسرائيليّات – رونيت چولدشميت، تمار هيرشفيلد، وإيلا ليتبيتس، تحاول تحرير الطبيعة من المقياس البشريّ. تمنح الأعمال للنبات وللجماد فعلًا مستقلًا، غير متوقع ومتعدّد الأوجه، وبهذا تحرّر المشاهد من مفاهيم ترادف بين الإنسان والمستقبل والطبيعة.