كوكا مع الموتى و"التحوّل إلى أبيض": فكر المركز والإثنوغرافيا في الأمازون كإثنوغرافيا عكسيّة
وضع المنعطف الأنطولوجيّ مسألة وكالة الكيانات غير الإنسانيّة في مقدّمة ركب البحث، وأعطى مصداقيّة لمعرفة الجماعات غير الغربيّة حول هذه الكيانات، وحول الواقع عمومًا. تنبثق عن ذلك أهمية تحليل المجتمعات الغربيّة والممارسات الحداثيّة بواسطة مفاهيم مجتمعات أصلانيّة، خاضعة أو مقصاة – وهي خطوة سمّاها عالم الأنثروبولجيا روي ڤاغنر “أنثربولوجيا عكسيّة”. نقطة انطلاق هذا المقال هو إثنوغرافيا الإندوكا، أحد “شعوب المركز” الأصلانيّة في الأمازون الكولومبيّ، ومراجعة أهميته ومواقفه الأنطولوجيّة. تختلف المقاربة المنهجيّة المتّبعة في هذا المقال عن المقاربات الانعكاسيّة الشائعة، التي تلغي أو تقيّد قدرة الباحث من الخارج لقول شيء عن مبحوثيه. وبكونها مستندة إلى مثاليّة الآخريّة في الفكر الأمرينديانيّ، يسعى المقال لخطوة عكسيّة تنعكس في الإثنوغرافيا الذاتيّة الأكثر راديكاليّة: تحليل الباحث وثقافته بواسطة مفاهيم المجتمع المبحوث. يتركّز المقال في بيت الموتى، مصطلح باطنيّ ومركزي في علم الكونيّات الأصلانيّ، من أجل فهم تصوّرات القوّة عند الإندوكا. يشرح البحث الدقيق، الذي يرى بتصورات القوّة مزروعة في جسد الإنسان الحيّ وفي المنطقة الأصلانيّة، تصوّرات الضعف الأصلانيّ، التي ترتبط في ظروف العالميّة الكولونياليّة، وتحويل الأصلانيّين إلى “بيض”. تنضمّ المقاربة المستخدمة في هذا المقال إلى مقاربات تنتج معرفة عن العولمة والحداثة من الجنوب العالميّ، لكن من المنظور الأصلانيّ الأمازونيّ، الذي يعطي أولويّة للجسد والحيّز على الوعي والزمن.