"كنّا مضطّرون إلى كراهية ما كنّا نحبّه كذلك"؟ الشتات والمأتم في شعر الهجرة الثالثة /

يوحائي أوفنهايمير
article icon

تكشف قراءة شعر أبراهام شلونسكي ويتسحاق لمدان وأوري تسفي غرينبرغ التي تعود إلى عشرينيات القرن العشرين عن حقيقة أن شعراء الهجرة الثالثة (1919-1924) المركزيّين قد دعوا جمهور القرّاء إلى معاينة الشتات من خارج الإطار الأيديولوجي الرسمي المتجسّد في مقولة “نفي الشتات”، وفي الوقت ذاته التعامل مع حياة روّاد الصهيونية في فلسطين الانتدابية (“أرض إسرائيل”) ليس بوصفها عودة إلى الوطن فحسب وإنما بوصفها خروجًا إلى الشتات أيضًا. يربط الكاتب بين أيديولوجية نفي الشتات وبين ما يطلق عليه فرويد تعبير “ملنخوليا” (الكآبة)، وهي تلك الحالة التي تستند إلى كبت الفقدان الذاتي الفردي والجمعي. وفي مقابل “الملنخوليا”، يرى الكاتب بأن موقف هؤلاء الشعراء يقوم على “عبادة المأتم” (أو الفاجعة) التي تنطوي على التعامل مع صلب الهجرة المأساوية إلى فلسطين الانتدابية. وعليه، فإن حداثة شلونسكي ولمدان وغرينبرغ لا تعتمد على مواقف شعرية جديدة مقارنة بالمعايير التي استحدثها بياليك وأبناء جيله فحسب، بل تعتمد كذلك على قدرتهم في تعزيز الخطاب الصهيوني ومساندته في احتواء تلك الجوانب المكبوتة التي لم تستوِ تمامًا معه. وفي ذات الوقت، فقد سعوا هؤلاء إلى زعزعة المكانة المركزية للـ”ملنخوليا” وطالبوا بموضعة الفاجعة بوصفها إمكانية مثالية وتجربة مفضّلة.

 

 

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية