ما بين البنّي والأخضر: النازية، والمحرقة، وعلم البيئة
تطوّر خلال تسعينيات القرن العشرين مجال بحثي جديد ومفاجئ فرض علاقة بين الحركة النازية وبين الحركة الخضراء. سعى بعض المؤرخين إلى فحص إمكانية وجود جوانب بيئية في الحزب والحركة والنظام النازي. وقد صدر أحد الكتب البارزة في هذا المجال الجديد يحمل العنوان: “إلى أي درجة كان النازيون خضرًا” (How Green Were the Nazis?)، ويبدو أن هذا العنوان ينطوي على جواب إيجابي بخصوص التساؤل حول ما إذا كان النازيون خضرًا أصلاً.
يناقش القسم الأول للمقال مسألة العلاقة الممكنة بين الحركة النازية وبين الحركة الخضراء. إنه يفحص ما إذا كان بالإمكان اعتبار المحرقة مشروعًا بيئيًا لا مجرد مشروع أيديولوجي وسياسي واجتماعي-اقتصادي وإثني-عرقي فحسب. وفي هذا السياق، فإن علم البيئة معرّف بصورة واسعة بوصفه إطلالة على العالم وممارسة استنادًا إلى تعريف هذا التعبير كما كان قائمًا في القرن التاسع عشر. أما القسم الثاني فيتفحص إمكانية اعتبار علم البيئة بوصفه إطارًا معرفيًا (براديم) ومنهجًا يمكن عبرهما الدفع بدراسة المحرقة قدمًا. ويناقش القسم الثالث إمكانية اعتبار المحرقة فتكًا بالبيئة (Ecocide). وفي ضوء هذا النقاش يُعرض في القسم الرابع والأخير الرابط بين ظاهرة النازية بصورة عامة والمحرقة بصورة خاصة وبين الحقل المعرفي (Discipline) لعلم البيئة والذي يمكن تعريفه على أنه مجمل المعارف والممارسات التي تتعلّق بالبيئة.