يقترح المقال تفكيكًا للمفاهيم والمعايير القائمة في القانون الجنائي الدولي. إن التحوّلات التي طرأت على القانون الجنائي الدولي في الحقبة التي أعقبت محاكم نيرنبرغ قد أدّت إلى عملية إدخال تغييرات على صعيد الإطار المعرفي (براديم) لهذا المجال، وإلى التحوّل من “إطار الحرب الهجومية” المعرفي إلى “إطار الأعمال الفظيعة” المعرفي. قام إطار الأعمال الفظيعة المعرفي بإعادة التعريف من جديد للتعبير “دولي” بكل ما يتعلّق بالقانون الجنائي. إذ قام بكسر قيود المكان والزمان الخاصة بتقديم لائحة الاتهام وأفضى إلى ظهور قانون يتساهل بتقديم لائحة الاتهام، ويركّز على الضحايا، ويستند إلى نظريات جديدة بخصوص المسؤولية الجنائية. على الرغم من ذلك، فإن الأهم هو أن هذا الإطار المعرفي قد أخفق في إعادة النظر بأهداف وغايات الجزاء الجنائي، وترك هذا الإخفاق القانون الجنائي الدولي في حالة إشكالية يغيب عنها المنطق التسويغي الثابت. يكمن الحل لهذه الإشكالية في فهم قانون الأعمال الفظيعة بوصفه اختبارًا تعليميًا لأنه يتضح من هذا المنظور أنه لا يجب تناول الجرائم، التي تعرّف على أنها أعمال فظيعة، بوصفها هجومًا على الإنسانية بصورة عامة وإنما هجومًا على الفكرة القائلة إن حياة الإنسان تعتبر مشروعًا منظّمًا وفق العلاقات الجماعية والهويات الجمعية والولاء للجماعة أو للمجتمع المحلي. وعليه، يجب على الذين يعملون في الإجراءات القانونية وفي العمل القضائي أن تكون لديهم فكرة عن تاريخ الجماعات الفعلية – جماعات الضحايا وجماعات مقترفي الأعمال الفظيعة. إن الطريقة الأفضل لتحقيق هذه الغاية هي إجراء المحاكمة في حيّز يتمتّع بعلاقة عضوية مع العملية الإجرائية والأشخاص والمكان.
جرائم فظيعة، مسألة الجزاء ومكانة القضاء
لورانس دغلاس