السياسة الحيوية: نظرية سياسية للحياة اليومية
كيف تبدو الحياة في عصر يغيب فيه الفصل بين الخاص والعام، الشخصي الحميمي والجماهيري المكشوف، الجسد والقانون، الإنسان والدولة؟ تشكّل هذه التساؤلات صلب نظرية السياسة الحيوية (Bio-politics). تعتمد هذه النظرية على المفاهيم الرئيسة التي انتشرت في عشرينيات القرن العشرين وأزمة الديمقراطية بين الحربين العالميتين، واقتحمت حياتنا في منتصف السبعينيات من خلال صدور سلسلة من الكتابات للمفكر الفرنسي ميشيل فوكو. تحوّلت منذ ذلك الحين إلى صوت مركزي في حقول النظريات السياسية، واللاهوت السياسي، ونظريات الجسد، وتاريخ التكنولوجيا ونظرياتها، والاقتصاد السياسي والنظريات القضائية. تلتقي هذه العوالم في أيامنا في ظل حالة دولة السياسة الحيوية المعاصرة، هذا ما تخلص إليه حاليًا مجموعة من المفكرين، بدءًا من جورجيو أغامبين وروبرتو إسبوزيتو وصولاً إلى ويندي براون وسلافوي جيجيك.
تقترح نظرية السياسة الحيوية لقاءً مثيرًا وحيويًا، انطلاقًا من منظور عابر لحدود الهوية والأيديولوجيا، لكل مهتم بالتاريخ الإجرامي للقرن العشرين وبثقافة الملاحقة والمراقبة في مطلع القرن الحادي والعشرين. إنها تعقد لقاءً بين “الحياة العارية” وبين الحياة السياسية والثقافية في سياق مستحدث ومعاصر يشترك فيه “اليسار” و”اليمين”. أما على الصعيد المحلّي، فتقترح نظرية السياسة الحيوية فحص الادعاء القائل إن “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” هي فعليًا مختبرًا لـ”حالة الحصار” و”قوانين الطوارئ”.