"في رمشة عين أُنشئ جسرٌ يصل إلى ألفي سنة مضت": من علم آثار معلمن إلى علم آثار ديني – حالة بار-كوسبا, يغائيل يادين وشلومو غورين

حاييم فايس
article icon

خضع الطرف الأخير من وادي خبرة (الذي يصب في البحر الميت)، في صحراء الضفة الغربية، بين السنتين 1960-1961 إلى حفريات أثرية وقف على رأسها عالم الآثار يغائيل يادين، رئيس الأركان سابقًا وأحد الناطقين البارزين لعلم الآثار الإسرائيلي في الخطاب الجماهيري في تلك الفترة. أفضت هذه الحفريات إلى اكتشافات عديدة منها حزمة من الرسائل أرسلها شمعون بار-كوسبا (الملقب بار كوخبا) إلى جنوده في منطقة عين جدي، وهياكل عظمية والتي ظهر ادعاء بشأنها مفاده أنَّ بعضها يعود إلى جنود بار-كوسبا. كان يغائيل يادين أول من كشف النقاب عن هذه الاكتشافات، وعلى رأسها الرسائل، في ديوان رئيس الدولة في القدس، وحازت على اهتمام جماهيري عظيم. لقد عكس أسلوب عرضها أمام الجمهور العلاقة المركّبة بين علم الآثار والقومية. يسعى كاتب المقالة إلى فحص منظومة التشبيهات والعلاقات التي ظهرت في الخطاب الجماهيري في إسرائيل في أعقاب هذه الاكتشافات بين الشخصية الكاريزمية ليغائيل يادين، رئيس الأركان الثاني للجيش الإسرائيلي، وبين بار-كورسبا، القائد العسكري للتمرّد اليهودي ضد السلطات الرومانية في القرن الثاني للميلاد. تتعقّب المقالة خطوات قصة أثرية-قومية على مدار 22 عامًا – انطلاقتها منذ لحظة اكتشاف الرسائل والهياكل العظمية على يدي يغائيل يادين ورجاله في مطلع ستينيات القرن العشرين ويتمثّل ختامها في دفن الهياكل العظمية على يدي الحاخام الأكبر لإسرائيل (والذي شغل منصب الحاخام العسكري الأكبر للجيش الإسرائيلي سابقًا) شلومو غورين في “عيد الشعلة” في سنة 1982 (الذي صادف يوم 11 أيار حسب التقويم الميلادي، وهو عيد مستحدث من القرن الثاني عشر للميلاد لإحياء ذكر “انتصار” بار-كوسبا على الرومان)، وذلك في احتفال عسكري كامل. تكشف لنا هذه القصة النقاب عن فشل علم الآثار الإسرائيلي وأزمته، إذ سعى إلى استخدام اللغة والمنظومة اللاهوتية لتشكيل دين علماني قومي.

 

 

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية