حوت، وحوش وتماسيح: نحو نظريّة المنظّمات الوكيلة

غال هيرتس ويهونتان إلشيخ
article icon

يسعى هذا المقال إلى موضعة حرب غزة ليس فقط كمرحلة أخرى في صراع -قوميّ واستعماريّ- عمره أكثر من قرن بل كحدث من نمط مختلف يجري في الضفة الغربيّة، وفي لبنان، وفي البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، وفي سوريا والعراق، وحتّى في المحاكم الدوليّة في لاهاي. لا يدور الحديث هنا عن اضطراب مؤقتّ للمؤسّسات، بل عمّا يشير إلى تغيير في شكل النظام. إن الإطار الذي نسعى للتفكير من خلاله في هذه الأزمة المتعدّدة الساحات ليس إطار تحليل الصراعات بين الدول، أي الصراع بين الحيتان، على حد تعبير هوبس، بل إطار يعبّر عن عصر صعود منظّمات ليست دولة- تماسيح أو وحوش، سواء على شكل ميليشيات أو منظّمات وكيلة لإمبراطوريات تمتلك موارد اقتصاديّة ونفوذًا مُعارِضًا ومزعزعًا للاستقرار، حتّى داخل الدول التي تعمل فيها، سواء على شكل شركات دوليّة تحلّ محل مؤسّسات الدولة أو تفرغها من مضمونها. إن التناقض الحادّ بين الدول، بمؤسساتها وأساليب عملها، وبين الطبيعة الجديدة للصراعات، لا يخلق صراعات دمويّة يصعب رؤية نهايتها فحسب (هنا وكذلك في أوكرانيا، على سبيل المثال)؛ بل يمكنه أن يفسّر غياب الأفق السياسيّ وعدم قدرة التنظيمات السياسيّة على التعامل معها. إن إعادة التأطير التي نقترحها هنا للفترة العاصفة من حولنا هي الانتقال ممّا يمكن أن نطلق عليه “عصر الحوت”، والذي في مركزه الدولة كمركز لتنظيم البنية التحتيّة للواقع السياسيّ الإنسانيّ، إلى فترة “التماسيح”- عدد كبير من الإمبراطوريات من مختلف الأنواع، ومنظّمات وكيلة، وهياكل دول جوفاء، وشركات، ومراكز إمبرياليّة، ومدن دولة، ومؤسّسات حكم مفلسة وشبكة اتصالات غير مؤسسيّة.

https://doi.org/10.70959/tac.60.2024.159187

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية