حان دور المشاعر: تشكيل طقس تقديم القرابين ما بين الأدب الرَّابيني اليهودي وبين الخطاب الديني-القومي

ميرا بلبيرغ
article icon

يبدو أن تقديم القرابين من الحيوان والنبات، كما يفصح العهد القديم والأدب الرَّابيني اليهودي، اعتبر المنهاج الأساس للتقرّب من الله وعبادته، كما ساد في جميع أرجاء العالم القديم. أفضت التحوّلات الدينية والسياسية والثقافية، التي طرأت منذ نهاية القرن الأول للميلاد، إلى اندثار هذا المنهاج بتاتًا بالتقريب، واستُبدل – وفق الرأي السائد – بمناهج دينية تعتبر “حداثوية” ولطيفة، مثل الصلاة والدراسة. إلاّ أن هيمنة القرابين على التوراة والأحكام الشرعية، التي يُنظر إليها في التيارات الأرثوذكسية اليهودية بوصفها أبدية بجوهرها، تضع المنتمين إلى التيار الأرثوذكسي في العصر الحديث أمام معضلة غياب الانسجام الواضح بين التراث الكتابي، الذي يؤكّد على أهمية القرابين، وبين القيم والحساسيات المهيمنة على عصرنا الحالي التي تتحفّظ من فكرة القرابين. تتمحور المقالة حول الخطاب المعاصر بشأن القرابين المثار على صفحات بعض مواقع الإنترنت التي يطلق عليها تعبير “أسئلة وأجوبة” الموجّهة إلى جمهور التيار الديني-القومي في إسرائيل. تتوقّف الكاتبة عند التساؤل كيف يتعامل رجال الدين وآخرون يتمتّعون بسلطة دينية مع غياب الانسجام هذا. أما الادعاء الرئيس للكاتبة فيتلخّص في أن رجال الدين، من خلال تجاوبهم مع تساؤلات جمهور السائلين، الذين يعبّرون عن صعوباتهم من قبول طقس تقديم القرابين وتحفّظاتهم عليه، يسعون إلى إدخال مضامين جديدة عليه. تؤكّد هذه المضامين الجديدة، الحسّية والعاطفية، على أهمية الشخص وتجاربه الذاتية، وبهذا تحاول هذه الفئة من رجال الدين استحداث القرابين في المخيلة الدينية بوصفها فنتازيا تقوم على يقين ديني تام. نلاحظ من هنا أن هؤلاء المجيبين يعتمدون مسيرة معاكسة بماهيتها لتلك المسيرة التأويلية التي اعتمدها حكماء الأدب الرَّابيني اليهودي بخصوص القرابين قبل نحو 1,700 سنة.

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية