"حنين المحرقة النازية": إعادة النظر في الصدمة النفسية والحنين في ضوء فيلم "بيتسا في أوشفيتس"

حجّاي دغان وجدعون ديشون
article icon

يغذّي الحنين الحاجة إلى معاينة الماضي من خلال نظرة وردية، تلك الحاجة النابعة من وضعيتنا في الحاضر والمنسلخة عن الطبيعة الحقيقية للماضي. استنادًا إلى زاوية النظر هذه، فإنَّ الحنين يعيد إنتاج الماضي من جديد عبر التشوّق إليه. نتيجة لهذا، يبدو أنه من السهل إضفاء الصبغة الوردية على ماض لطيف أكثر من فعل ذلك على ماض مروّع. إنَّ الحنين ليس تضليلاً بالمطلق، بل هو يستحدث علاقة خلاّقة مع الماضي ولا يسعى إلى معاينة الذكريات الفعلية.

إنَّ فعل الحنين الخلاّق يكون غالبًا مستحيلاً حين يتصادم مع ماض مأساوي لا يتيح المجال أمام الذكريات اللطيفة لأن تُستحضر. إنَّ ماضيًا كهذا يُستحضر بقدر كبير وهو يلازم شعورًا مختلطًا بالحزن الشديد والتهكّم. يبدو التهكّم متعارضًا مع الحنين لأنه يقيم نظرة ثاقبة من بعيد تكون مسئولة عن غمر الحنين بالبراءة والتشوّق الوردي. لذلك، يمكن لأحد منّا الاستنتاج أنه 1) لا يمكن تطبيق الحنين على الماضي المأساوي؛ 2) ولا يمكن للتهكّم الحضور جنبًا إلى جنب مع الحنين.

ومع ذلك، يبدو إنَّ الحنين الذي يظهر في الفيلم السينمائي “بيتسا في أوشفيتس” (إسرائيل 2008) يتعارض مع هذين الاستنتاجين. فإنَّ الحنين يعيش أيضًا في ظل الماضي المأساوي كما أنه يختلط مع التهكّم والكوميديا السوداء. تسعى هذه المقالة إلى تسليط الضوء على تعبير الحنين كمحاولة لتوضيح معنى “حنين المحرقة النازية” (ذلك التعبير المستعمل في الفيلم نفسه).

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية