يتناول هذا المقال العلاقة بين العوامل الاقتصادية وبين العوامل السياسية التي أدَّت إلى الظهور المفاجئ للاحتجاجات الاجتماعية في إسرائيل خلال صيف 2011. يقدّم الكاتبان تحليلاً جيليًّا- طبقيًّا، يركّز أساسًا على الفرص المتاحة أمام المبادرين للاحتجاجات وقاداتها – شباب ينتمون إلى الطبقة الوسطى- وموقعهم في مبنى غياب المساواة في إسرائيل. يتلخّص الطَّرح الرئيس للكاتبين في أنه بسبب دينامية الاقتصاد السياسي في إسرائيل، فإنَّ فئة الجيل المنتمية إلى هذه الطبقة قد وجدت نفسها في وضعيةٍ جعلت من الصعب عليها الاحتفاظ بمستوى حياة أبناء وبنات الجيل السابق المنتمين إلى الطبقة الوسطى، ذلك المستوى الذي اعتادوا عليه في سنوات تكوينهم ضمن أسرهم. إن السياسة الليبرالية الواسعة المعتمدة في الاقتصاد السياسي في إسرائيل في العقود الأخيرة، والتي أدَّت إلى ارتفاع حادّ في مستوى المعيشة لدى جيل الآباء وتحسين فرص حيواتهم في تسعينيات القرن الماضي، أضحت حاليًا عثرة أمام فرص الاستنساخ الطبقي بين الأجيال لقسم كبير من فئة المنتمين إلى الطبقة الوسطى. يدعي الكاتبان أنَّ الدينامية الجيلية-الطبقية هذه، جنبًا إلى جنب مع الديناميات السياسية الطارئة، تقف في أساس ظهور حركة الاحتجاج ومطالبها الشاملة “للعدالة الاجتماعية”. يحمل مثل هذا التحليل دلالات تتجاوز الحالة الإسرائيلية، وبوسعه إلقاء الضّوء على إحدى المسائل النظرية التي تطرحُها الاحتجاجات الراهنة في المجتمعات الغربية أمام دراسة الحركات الاجتماعية. وفي عدّة جوانب رئيسة – وخاصة فيما يتعلَّق بالخلفية الاجتماعية للناشطين في هذه الاحتجاجات والمشاركين فيها وممارسات العمل والأنشطة الاجتماعية التي يمارسونها – فإن الاحتجاجات الحالية تشبه نمطًا معهودًا للحركات الاجتماعية “الجديدة” و”ما بعد المادية” (post-materialist). مع ذلك، تتَّسم مطالب هذه الاحتجاجات بالطابع التوزيعي على نحو بارز: المطالبة بتغيير طريقة توزيع الموارد وفي تركيبة انعدام المساواة، وكذلك إجراء تغيير في العلاقة القائمة بين الدولة والاقتصاد. وعليه، فإنَّ الدينامية الجيلية-الطبقية المصاحبة لمأسسة النظام الليبرالي الجديد وللأزمة الحالية أفضت إلى ظهور حركات احتجاج تطالب بإعادة تسييس قضايا اقتصادية وكل ما يرتبط بقضايا توزيع الموارد.
الاقتصاد السياسي لاحتجاجات 2011: تحليل جيلي- طبقي
زئيف روزنهك وميخائيل شاليف