ممارسة الاقتباس في الحياة اليومية: الاقتباس بوصفه نشاطًا سياسيًا في أغاني الفرقة الموسيقية "هبيلوييم"
تقترح المقالة نظرية سياسية خاصة باعتماد الاقتباس وذلك عبر قراءة أغاني الفرقة الموسيقية “هبيلوييم”. توضح المقالة الأسس الشعرية المعتمدة في الفرقة في ضوء تراث تأويلي طويل ومتنوّع ينظر إلى الاقتباس بوصفه عملاً تآمريًا يعيش في الحيّز الفاصل بين الحياة اليومية والبُعدين الجمالي والسياسي. يقف في صلب هذه القراءة نظرية ميشيل دي سيرتو حول الحياة اليومية والعلاقات الجديدة التي تبلورها بين نشاطات الاستهلاك والإنتاج وبين القراءة والكتابة. إن الجمع بين نظرية دي سيرتو وبين التصوّرات الشعرية لهذه الفرقة الموسيقية يكشف عن أن اقتباسات هذه الفرقة الموسيقية تتجلّى بصورة نشطة في “المواءمة مع الوضع القائم” وبوصفها كذلك حالة “استفزاز” لنص الثقافة العبرية ولغة الحياة اليومية العبرية.
استنادًا إلى الاقتباس من الحياة اليومية الإسرائيلية والثقافة العبرية من طرف، ومن خلال الاستعانة بأوجه من الفكاهة والتهكّم من الطرف الآخر، تُنتج الفرقة الموسيقية غربة تستند إلى الفجوة بين الطابع الموضوعي النابع من التجربة الإسرائيلية اليومية وبين النشاط الفني المصطنع. إن الاستخدام المعلمن لنصوص رسمية معتمدة (canonical) وشذراتها وكأنها أشياءً يومية أو مواد خام، والنظرة إلى الأشياء اليومية وعناصرها بوصفها أشياءً مقتبسة، تمنح الحياة اليومية الإسرائيلية مكانة نصّ مفتوح لقراءة متجدّدة، بينما تحصل النصوص الرسمية المعتمدة في الثقافة العبرية على مكانة “تشييء” بوصفها أشياءً متاحة للاستخدام الفعلي بعيدة كل البعد عن النظر إليها بعين القدسية. إن هذه الطاقة السياسية القائمة النابعة من فعل الاقتباس هذا تشكّل نقطة لقاء بين نظرية دي سيرتو وبين فكر فولتير بنيامين، الذي اعتبر الاقتباس أداة لاستدخال الماضي إلى الحاضر وفعلاً يحتضن طاقة نقدية تتجلّى، من بين جملة الأشياء، في البناء الخطابي للأمثولة. اعتمادًا على أفكار بنيامين وتلاميذه – الذين يقومون في سياقات مختلفة على صياغة خصائص المؤشّر الأمثولي، وكذلك في معرض مناقشة أغاني هذه الفرقة الموسيقية – تتكشّف العلاقة الرابطة بين الاقتباس والحياة اليومية والأمثولة.