التحليل النفسي بوصفه سلاحًا: النازية على الكرسي الأمريكي

جوزيه برونير
article icon

هنالك حقيقة مفاجئة تتلخّص في أنه بالرغم من اندثار الأساس الإنساني والمؤسّساتي والثقافي لفكر التحليل النفسي وممارساته في أوروبا في أعقاب صعود النازية، إلاّ أن التحليل النفسي لم يعاني من شرخ بوصفه حقلاً معرفيًا. بل على العكس من ذلك، يبدو أن انتقال مركز التحليل النفسي إلى الطرف الآخر للمحيط الأطلسي قد ضاعف من قوته هناك. يسعى هذا المقال إلى طرح تفسير لهذا التحوّل ويقوم على أربعة عوامل معًا – المهني والعلمي والاجتماعي والنظري – قد استحدثت “بيئة الإيكولوجيا الملائمة” (تعبير مستعار من أعمال فيلسوف ومؤرخ العلوم إيان هاكينج).

بداية، استطاع المحلّلون النفسانيون الذين اقتلعوا من وسط أوروبا الاستناد إلى شبكة مهنية تتسم بالدعم الدولي والمحلي (نعني أمريكا الشمالية) في الآن معًا، مما أدى إلى تذليل الصعاب التي تصاحب غالبًا مثل هذه الحالات. ثانيًا، سادت “الآراء النمطية” في هذه الفترة ذاتها وتحوّلت إلى اصطلاح مركزي في الأدبيات النظرية في مجالات عديدة كعلم الاجتماع وعلم النفس. إن تناول هذا الموضوع قد منح فرصة توسيع مجال التحليل النفسي. ثالثًا، إن تناول الآراء النمطية قد استحدث فرصة أمام مفكرين لامعين مهاجرين، ومن ضمنهم محلّلين نفسانيّين، للمشاركة في مبادرات بحثية ظهرت على طاولة اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC). وأخيرًا، استطاعت هذه الفئة من المحلّلين النفسانيّين توفير تفسيرًا حول مصادر الآراء النمطية وقوّتها، ذلك التفسير الذي كان غائبًا في هذا المجال، وبهذا فقد سلّطوا الضوء عمليًا على مواضيع مركزية في فكر التحليل النفسي، مثل ممارسات الحيل الدفاعية غير الواعية، وعلى رأسها عمليات الإسقاط وسيرورات عقدة أوديب الإشكالية. إن دمج هذه العوامل الأربعة في أربعينيات القرن العشرين في الولايات المتحدة قد أتاح للمحلّلين النفسانيّين المهاجرين كأفراد وللتحليل النفسي بوصفه حقلاً معرفيًا الفرصة لمراكمة القوة وعدم مواجهة أزمة برغم الظروف الصعبة.

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية