"مِزَق": براخا ساري والنظام الرَّهقويّ
تعرض المقالة الحاليّة منظور الشاعرة والأديبة براخا ساري (1940- 2013) النقديّ بشأن ما تصطلح عليه الكاتبة تعبير “النظام الرَّهقويّ”[1]، أي التنظيم الرمزيّ لغشيان المحارم ضمن منظومة القوّة التي تشكّل العلاقة بين الجنسين. تستند المقالة إلى قراءة القصّة القصيرة “مِزَق” التي نشرتها الأديبة في سنة 1980، والتي تموضع، وفق ما جاء عند كاتبة المقالة، غشيان المحارم بوصفه مجازًا ونموذجًا للعلاقة بين الجنسين، وهو نموذج عامّ يتخطّى الحدود الإثنيّة والطبقيّة والأيديولوجيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة.
تعرض القصّة القصيرة تجربة مأساويّة لفتاة، لا تزال طفلة عمليًّا، تتمثّل في ليلة دخلتها. عملًا بوصيّة أبيها، وبسذاجة تامّة، تتزوّج هذه الفتاة بأرمل عجوز من دون أيّ فكرة عندها أو تحضير لها لما ينتظرها. يرد وصف ليلة الدخلة عبر عيني الفناة بوصفها مشهدًا لاغتصاب عنيف، والذي يعتبر هو بحدّ ذاته طُقسَ العبور (rite de passage) – الذي يمثّل انتقال الفتاة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ، أي إلى مرحلة حياة العبوديّة التامّة داخل حيز البيت والأسرة.
ظاهريًّا، فإننا لسنا أمام سرد لقصة تتناول مسألة غشيان المحارم. إلاّ أن قراءة كاتبة المقالة تسعى إلى اقتراح منظور بديل للمنظور السائد لقراءة هذه القصّة، والذي يتمثّل في المنظور النسويّ النقديّ المركّز على ممارسات الاستعباد التقليديّة – وتوسيع نطاقه. وفق ما جاء في طرح كاتبة المقالة، فمن خلال الكتابة عن عادات الزواج التقليديّة السائدة في المجتمع اليهوديّ اليمنيّ في إسرائيل، وتحويلها إلى غريبة بشكل متطرّف من خلال وعي الفتاة العروس، تكشف ساري عن نقاط التماس البنيويّة بين النظام البطركيّ الأبويّ والنظام الرَّهقوي، وتمزّقُ عمليًّا القناع الذي يختبئ تحته هذا التماس. إنّ اعتماد قراءة القصّة عبر منظور غشيان المحارم يعمّق ويوسّع المنظور النقديّ الكامن فيها، ويكشف أنّ النقد ليس مقتصرًا على النظرة إلى النساء في المجتمع التقليديّ. لا تُسمِع الأديبة عبر قصّتها صوت احتجاج شرقي مناه=ض للعنصريّة القائمة في صلب النسويّة الليبراليّة فحسب، بل تصل إلى صميم علاقات الجندر، وتكشف عن المبنى الرَّهقويّ القائم في صلبها، وتعترض كذلك على الصدارة الأدبيّة العبريّة الأساسيّة والمشروع الصهيونيّ.
[1] الرَّهق بمعنى غشيان المحارم