المتجوّل في بغداد: حول شخصية الماشي على الطريق في أحد تفسيرات الحاخام يوسف حاييم

آڤي رام تسوريف
article icon

يسعى الكاتب، في معرض المقالة الحاليّة، إلى موضعة تجربة التجوال التي ظهرت في ظلّ تطوّر الحاضرة الأوروبيّة الحديثة، في مقابل، تجربة شبيهة ظهرت في معرض سيرورة التمدّن في بغداد العثمانيّة في الفترة نفسها. تجلّى أحد تمظهرات هذه التجربة في تفسير الحاخام يوسف حاييم البغداديّ (ت 1909)، أحد أكبر فقهاء الشريعة اليهوديّة ومفكّر أقام بين ظهراني الخلافة العثمانيّة، لإحدى المسائل التلموديّة. يميّز الحاخام في معرض تفسيره هذا بين شخصيّة “الماشي على الطريق” وبين “المارّة في الطرقات”. أسوة بشخصيّة المتجوّل عند شارل بودلير، فإنّ الماشي على الطريق، وفق الحاخام، يسعى إلى زعزعة وتيرة الإيقاع المدينيّ، ذلك الإيقاع الذي يحوّل المشية إلى ذات غاية تقوّض مضامين النشاطات الطارئة على الإنسان خلال وقوعها عليه. وفق الحاخام، فإنّ الماشي على الطريق يسعى إلى تخليص الإشارات المقدّسة التي تركها المشاة على الطرقات خلف ظهورهم. يفحص الكاتب التجربة، التي يعبّر عنها الحاخام، في ضوء سيرورات التمدّن الذي غيّر وجه الحيّز البغداديّ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وخاصة في حقبة والي بغداد مدحت باشا (1869- 1873). من شأن هذا الفحص، الذي يأخذ بعين الاعتبار أنماط تشكيل الحيّز المدينيّ العثمانيّ الحديث ومفهوم الزمن الذي يميّزه، أن يشير إلى نموذج جديد من التجوال أبدعه هذا الحاخام البغداديّ.

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية