الجبل والحصن: موقع حرم الجامعة العبرية على جبل المشارف في الفضاء القومي الإسرائيلي المتخيَّل
يتراءى حرم الجامعة العبرية، القائم شرق الخط الأخضر بما يشبه الحصن، وكأنه يحوم بوضوح حول البلدة القديمة للقدس ويصوّرها بشكل خارق للطبيعة. بينما كان يُنظر إلى هذا الحرم بوصفه مقاطعة محاطة ببلد أجنبي تقع ضمن حدود السلطة الأردنية على امتداد تسع عشرة سنة بعد تقسيم المدينة، فقد تمّ الاحتفاء بعودته إلى الحضن الإسرائيلي بوصف هذه “العودة” تصويبًا تاريخيًا. خلافًا لحالة البلدة القديمة، فقد نُظر إلى هذه العودة بوصفها عودة إلى التاريخ الصهيوني الحديث وإلى الخريطة الإقليمية التي وُضعت اعتمادًا على أدوات ثقافية ومدنية. تحاول هذه المقالة التوقّف عند فحص إسقاطات هذا الماضي غير البعيد على تخطيط توسيع هذا الحرم ضمن حدود 1967.
يتوقّف هذا الفحص عند الاختلافات الأساسية الفاصلة بين النُصب التذكارية ومختلف أشكال التمظهر الخادع والشواهد المحلّية المزيّفة لهذا الحرم، التي يجسّدها من موقعه المشهدي المطل على المدينة، وبين الأشكال والأجهزة المبتذلة القائمة داخله وفي مدخله كتلك المنتشرة في مختلف الأحيزة بالغة الرأسمالية المضبوطة والمُسيطر عليها مثل المراكز التجارية الكبيرة والمطارات. من خلال احتلال الحرم موقعًا بينيًّا في مقابل المدينة، فإنه يعيّن تخوم شرق المدينة من جهة وينتهكها من جهة أخرى. من خلال التصميم الإنشائي العملاق دائم التوسّع لهذا الحرم الجامعي. سأحاول في هذه المقالة فحص كيفية تشكيل موقع الحرم المتنازع عليه سياسيًّا في الفضاء القومي الإسرائيلي المتخيَّل بوصفه حدًّا فاصلاً بين نزعتي الهدم والتجديد، بين الشرق والغرب، بين الحياة البرّية والحياة الحضرية، بين التاريخ الديني اليهودي والتاريخ الصهيوني الحديث.