العودة إلى الهند أو: المخيّلة التناظرية (Analogical) وحدودها
يفحص الكاتب في مستهل مقالته إستراتيجيتين بحثيتين لمعاينة العلاقة بين الحكم البريطاني في الهند وبين فلسطين الانتدابية. أما الإستراتيجية الأولى، التي تطوّرت في أعمال المنظرين ما بعد الكولونياليّين (أمثال أمير موفتي)، فتسعى إلى الكشف عن المضامين الثقافية للكولونياليّين الأوروبيّين. وأما الإستراتيجية الثانية (التي يمثّلها فيصل ديفجي ) فتركّز على منظومة المفاهيم لدى رعايا النظام الكولونيالي أنفسهم. ولاحقًا يستحضر دبنوف بعض الأمثلة لتوضيح كيف أن هاتين الإستراتيجيتيْن تتيحان الفرصة لكتابة تاريخ فوق قومي وغير خطّي لسيرورات تقويض الكولونيالية وأسسها. يسعى مثل هذا التاريخ إلى تقويض الروايات الرسمية التي تقدّس الدولة القومية بوصفها معادلة سياسية ضرورية، وترى في عملية إنشاء الدولة القومية بوصفها نتاجًا مباشرًا ولا مفر منه لنضال بطولي مناهض للكولونيالية، وترى في التقسيم تحقيقًا كاملاً لخطة عمل معروفة مسبّقًا. إن زعزعة هذه البديهيات فقط من شأنه، كما يدعي دبنوف، إتاحة الفرصة أمامنا للتأكد من أن هذه الرواية الخطية والغائية لم تكتمل بعد “إذ إن التقسيم في كلا الحيّزين لم يكن فعلاً نهائيًا وتامًا للانسلاخ والفصل وإنما كان ولا يزال مشروع في أوج تشكّله”.