لا يُغتَفَر: بائسين أكثر من كونهم أشرارًا، أشرار أكثر من كونهم بائسين
“لا يُغتفر” هو الفصل الختاميّ من كتاب “الصفح” (1967) للفيلسوف وعالم الموسيقى الفرنسي فلاديمير جنكيليفيتش. في هذه الصفحات، يتم تلخيص فكرة الصفح، التي تم تطويرها على طول الكتاب، بإيجاز وانفعال. بعد أوشفيتس، وفي مواجهة الشرّ النازيّ المتطرّف، يصوغ جنكليفيتش فكرة جذريّة عن الصفح، لا تقوم على تبرير الجريمة ولا على نسيانها. الصفح الحقيقيّ، الصفح الوحيد الذي يستحق تسميته بذلك، هو الصفح لمن لا يُغفر له، على الجريمة التي لا يمكن تبريرها أو فهمها؛ ذلك الصفح الذي يُمنح فجأة من الضحية إلى الجلاد كهدية حبّ مطلقة، تمحو الماضي بتسديدة واحدة وتفصل بين الجريمة ووكيلها. حينها، يبدو الصفح بمثابة اختبار أخلاقي سامٍ ولكنّه صعب إلى حدٍّ لا يطاق، لأنه يضع الضحية بين الحبّ المطلق والشرّ المطلق، بين واجب الحبّ وواجب تدمير الشر، دون التمكّن من الحسم بينهما.
في مقدمة الترجمة، يضع غاي يعقوبي كتاب “الصفح” في اللحظة التاريخيّة التي كُتب فيها، ويطوّر المفارقات التي تنشأ من الكتاب نفسه ومن الاطلاع عليه، إلى جانب النصوص الإضافية التي خصّصها جنكليفيتش للموضوع. كذلك، يناقش يعقوبي صعوبة وضرورة قراءة هذه النصوص في الواقع المعاصر في إسرائيل/فلسطين، في مواجهة الجرائم التي تقدم “مشهد صفح” مختلف تمامًا عن ذلك الذي عمل فيه جنكليفيتش.