الأم اليهودية وابنها المقاتل: حول قصة "هو قال لها" للأديب يوسف حاييم برنر وحضورها في الثقافة الإسرائيلية

دانا أولمرت
article icon

ظهرت في مستهل تسعينيات القرن المنصرم على خشبة الأدب الإسرائيلي بطلة جديدة: أم الجندي. لم تحتل هذه الشخصية حتى ذلك الحين مكانة مركزية في وعي الأدباء وفي أعمالهم، إلا أننا نشهد تسارع تمثيلاتها الأدبية منذ التسعينيات. تتقصّى الكاتبة أثر هذه الشخصية الجديدة وتكشف النقاب عنها في سياق تاريخي وقومي حيث ظهرت لأول مرة (في العصر الحديث) مسألة استخدام القوة على أيدي اليهود في البدايات القصصية ليوسف حاييم برنر تحمل العنوان “هو قال لها” الصادرة في سنة 1905، والتي تتناول مسألة الدفاع عن النفس في المجتمع اليهودي المحلي في روسيا في ظل المذابح التي شهدها هذا المجتمع. تقف مناقشة قصة برنر في عين المقالة وتتيح لنا فرصة رسم نقطة البداية التي تبلورت فيها الهوية المتوخّاة لأم يسعى ابنها إلى التحوّل إلى مقاتل. إن نقطة انطلاق القصة هي حنين الابن، الساعي إلى التشكّل كـ”يهودي جديد”، لأم “جديدة قديمة”، وطنية واستشهادية، تدعم مسيرة ابنها للتحوّل إلى مقاتل ضد المعتدين على اليهود. تتقصّى الكاتبة أثر هوية الأم الوطنية المثالية المتشكّلة في وعي ابنها القصصي في أسطورة الأمومة الإسبارطية. وتدعي الكاتبة أن القومية الصهيونية سعت فعلاً إلى الابتعاد عن المثال الأعلى للعمل الاستشهادي، وهو ابتعاد يعزى إلى شخصية “اليهودي القديم” المقيم في الشتات، إلاّ أنه بكل ما يتعلّق بالدور الموكل إلى الأم في العهد الوطني فإننا نشهد تحديدًا تواصلاً واستمرارية بين المثال الأعلى الاستشهادي، الذي يطالب الأم أن تكون مستعدة لتقديم ابنها قربانًا، وبين المثال الأعلى القومي. بالرغم من ذلك، فإن القومية لا تكتفي باستنساخ الوظيفة التقليدية للأم بل وتضيف منظومة جديدة على كاهلها تشمل شروطًا ومحاذير: يتعيّن على الأم أن تساند ابنها على تحقيق رجولته، تلك الرجولة التي تصل في طور بلورتها إلى ذروتها في حلبة القتال والخدمة العسكرية.

 

 

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية