"أينما وُجد الأشخاص عُثر على الذباب": حشرات، أشخاص ومسألة الإثنوغرافيا متعدّدة الجنس – حالة الزراعة في وادي عربة
نشهد في السنوات الأخيرة ازدهارًا لبحث العلاقات بين الإنسان والحيوان – وهو بحث يتحدّى حدود ما أطلق عليه حتى وقت قريب بالـ”اجتماعي”. ولكن يبقى التساؤل فيما إذا كان يمكن إجراء إثنوغرافيا للبشري وغير البشري بلا جواب شاف. تقترح المقالة الحالية، التي تركّز على الذباب والحشرات وهي الكائنات غير المعالجة بتاتًا في الأبحاث بشأن البشري وغير البشري، منظورًا مغايرًا حول العلاقة بين الإنسان والحيوان.
يعتبر وادي عربة الشمالي، وهي منطقة صحراوية مليئة بالنشاطات الزراعية الواسعة، من المناطق الأكثر استخدامًا حاليًا للمكافحة الحيوية: استخدام حشرات أوجدها الإنسان ورعاها لمحاربة حشرات أخرى مضرّة بالمحاصيل الزراعية. تركّز المقالة على ذبابة البحر المتوسط – صنف من الحشرات الضارّة جدًا لتصديق المحاصيل الزراعية – وعلى حشرات أخرى تستخدم في المكافحة الحيوية.
استنادًا إلى بحث إثنوغرافي في شمال وادي عربة، الذي استمر على مدار ست سنوات، تؤكّد المقالة على أن الحدود الفاصلة بين البشري وغير البشري وبين الطبيعة والحضارة إنما هي أحيزة دينامية غير ثابتة وتتغيّر وتتشكّل في أعقاب ضغوطات وتحوّلات سياسية واقتصادية. ولكن بالرغم من التغيّر في العلاقات بين الإنسان الذباب والحشرات الأخرى في وادي عربة وتشكيل جديد للحدود الفاصلة بينها، إلاّ أنَّ الفصل الأساس بين البشري وغير البشري وبين الطبيعة والحضارة بقي ثابتًا. تتحدّى المقالة هذه النظريات الأخيرة المستخدمة في الأبحاث حول العلاقة بين الإنسان والحيوان وتتساءل بشأن القدرة لإجراء أبحاث إثنوغرافية حول البشر وغير البشر. خلافًا للمفهوم السائد في الأدبيات حول البشري وغير البشري، والتي تسحب المخاطر الاجتماعية البشرية على ما هو غير بشري، تتمحور المقالة الحالية حول نشاطات الإنسان نفسه التي تخلق الحيز الاجتماعي الذي يضم غير البشري بداخله. بالرغم من ذلك، توضح المقالة كيف أنَّ فهم العلاقات المتبادلة بين البشري وغير البشري ضرورية لفهم السيرورات الاجتماعية المختلفة.