أرشيف المعهد: أنموذج من التضامن

دانيئيلا شربيط، دانيئيل يونس | 27.01.2022 | تصوير: معهد فان لير

ראש עיריית אמסטרדם לשעבר, וים פולק ורעייתו יוהנה, חשפו את דגם הפסל

يضمّ أرشيف معهد فان لير عددا لا يحصى ولا يعدّ من الصور والرسائل والذكريات من أيام إقامته وحتى اليوم. كشف تصفح ألبومات الصور النقاب عن صورة مؤثّرة ومشحونة بكثير من الانفعالات، ومن ورائها حكاية بطولة تشير إلى قوّة التضامن. وبما أن يوم الكارثة الدولي يصادف السابع والعشرين من كانون الثاني، فسنحييه اليوم من خلال حكاية استثنائية حصلت في هولندا.

تشير الكثير من الأبحاث في السنوات الأخيرة إلى التعاون الوثيق بين الألمان والسلطات المدنية في هولندا إبان الاحتلال النازي، إذ أستفاد الألمان من تعاون وثيق ومكثف من قبل السلطات المختلفة، وعلى رأسها سلطة المواصلات الهولندية، بغرض تهجير يهود هولندا إلى معسكرات الاعتقال والإبادة في شرق أوروبا. في العام 1942 أقيمت وحدات هولنديّة خاصة تمثل هدفها في العثور على اليهود وتسليمهم للنازيين. القوات السرية الهولندية التي قاومت الحكم النازي أقيمت فقط في العام 1943 بعد أن بدأ الألمان بتجنيد الهولنديّين لأعمال السخرة، وبعد أن تم تهجير معظم يهود هولندا.

جرى تهجير نحو 107,000 يهودي من هولندا إلى معسكرات الإبادة، ولم ينجو من الجالية اليهودية سوى 5000 شخص. نحو 73% من اليهود الذين عاشوا في هولندا في بداية الحرب قتلوا في الكارثة، وهذه النسبة هي الأكبر في عملية الإبادة في أوروبا الغربية. ثلث اليهود الذين اختبأوا خلال الحرب، جرى الكشف عنهم بسبب وشايات من جيرانهم الهولنديين.

لكن في داخل هذه الظلمة الدامسة ثمّة نقاط ضوء صغيرة، وإحداها تطرحها في المقالة التالية.

 

 

تدشين أنموذج للنصب التذكاري "عامل المرفأ" 20.3.1997

قبل ربع قرن اجري في معهد فان لير حدث احتفالي خاص، حيث كشف رئيس بلدية أمستردام السابق فيم فولك وزوجته يوهانا عن عينة لتمثال "عامل المرفأ" الهولندي، الذي قام بنحته ماري أنرايسين، وتعود ملكيّته لتركة أوسكار فان لير.

صنع التمثال الأصلي من مادة البرونز ويصل ارتفاعه إلى 2.65 متر، وقد جرى نصبه في العام 1952 في ساحة يوهانس دانييل ماير في أمستردام. هذا التمثال هو نصب تذكاري لذكرى عاملي مدينة أمستردام غير اليهود الذين شنّوا إضرابا عن العمل احتجاجًا على ملاحقة اليهود من قبل النّازيين.

يرمز هذا التمثال إلى الإنسان البسيط وقدرته على الوقوف أمام قوى الشر. في الخامس والعشرين من شباط من كل عام تقام أمام النصب التذكاري مسيرة للذكرى.

من اليمين: عيّنة لتمثال "عامل المرفأ" في معهد فان لير. من اليسار: تمثال الـ"سوير" في الميدان في أمستردام. تصوير Creative Commons Gus Maussen
من اليمين: عيّنة لتمثال "عامل المرفأ" في معهد فان لير. من اليسار: تمثال الـ"سوير" في الميدان في أمستردام. تصوير Creative Commons Gus Maussen

 

عمال هولندا من من أجل اليهود

نشَب الاضراب في الخامس والعشرين من شباط 1941 واستمرّ ليومين، وسمّي أيضا بـ"إضراب شباط" وشكل أوّل احتجاج في التاريخ عبّر فيه سكان غير يهود عن معارضتهم ومقاومتهم للنّازيين، وعن تضامنهم مع اليهود الذين عانوا من الاضطهاد والملاحقة. جرى تنظيم الاضراب من قبل الحزب الشيوعيّ الهولندي (CPN) وشارك فيه نحو 300 ألف رجل وامرأة.

أحد قادة الحزب كان يعمل في البلدية واسمة ڤيلم كران، وقد صرخ ملئ حنجرته: "سادتي، علينا أن نتحرك!" (هـ. بليخ، "معاريف"، 23 شباط 1966)، عندما شاهد بأم عينية كيف يعذّب البوليس السري الألماني (غيستابو) جيرانه اليهود ويُريق دمائهم.

بعد أن أرسل النازيون 400 يهودي إلى معسكرات الإبادة بعد ان جرى تعذيبهم في شوارع المدينة، أعلن مئات من عاملي البلدية والتجار في أمستردام عن أضراب عنيف شلّ الحركة في المدينة. علّق العمال الذين قرروا النضال من أجل إحلال العدل ومن أجل أصدقائهم شعارات في أرجاء أمستردام حملت الكلمات التالية: "إضراب! إضراب! إضراب!"، "أعيدوا لنا يهودنا!"

بدءا من الساعة الثامنة صباحا وحتى ساعات الظهر المبكر شلّت الحركة تماما في مدينة أمستردام، وتوقف العمل في الميناء وفي المواصلات العامة، وتوقف الكثير من العاملين في قطاع الإنتاج عن العمل. في اليوم الثاني بدأت رقعة الإضراب تتسع لمدن أخرى نحو أوتريخت وهارلِم، فقام النازيون بقتل عدد من المتظاهرين. انتهى الإضراب بعد 48 ساعة مخلفا وراءه غرامات واعتقالات وقتلى وجرحى. جرى إعدام عدد من اليهود وعدد من المشاركين في الاحتجاجات ومن بينهم ڤيلم كارن.

كشف الستار عن النصب التذكاري "السڤير"، 19 كانون الأول 1952، أمستردام، هولندا. تصوير Joop van Bilsen / Anefo
كشف الستار عن النصب التذكاري "السڤير"، 19 كانون الأول 1952، أمستردام، هولندا. تصوير Joop van Bilsen / Anefo

 

للاستزادة حول الموضوع ترجى قراءة مقالة وجْهان لِعولَمَة ذكرى الكارثة، ومشاهدة محاضرات "ما هي الذاكرة؟ بعد مضي سبعين عاما"

 

من أرشيف المكتبة الوطنية:

الانضمام الى القائمة البريدية