العودة إلى السفسطائيّين

نينا أريئيل
article icon

 

في السنوات الأخيرة شاع التشبيه بين الشعبويين المعاصرين والسفسطائيّين اليونانيين. لكن هل يُنصف هذا التشبيه المغري السفسطائيين فعلًا، وهل ينجح حقًا في تفسير ظواهر الديماغوغيا المعاصرة؟ يصف هذا المقال كيف جرى تكييف صورة السفسطائيين، على مرّ السنين، وفق مصالح متغيّرة، ويقترح إعادة تفكير في إرثهم في ظلّ الديمقراطيات الهشّة في أيامنا. ظهر السفسطائيون؛ وقد كانوا مفكّرين ومعلّمين في القرن الخامس قبل الميلاد، في حوارات أفلاطون كأشرار المجتمع اليوناني: مُضلّلون يجرفون الجماهير من خلال خطاب جذّاب، نسبيّون يفضّلون الإيمان على المعرفة. ترسّخت هذه الصورة عبر تاريخ الفكر الغربيّ وثبّتت السفسطائيّين في الوعي الجماعيّ كرمز للانحلال. لكنّ تأمّلًا في لحظة ظهورهم وفي تمثيلاتهم المُوجَّهة قد يكشف عن صورة أخرى لهم، صورة إنسانيّين مبكّرين روّجوا لتربية ديمقراطيّة ليبراليّة. بدلًا من النظر إلى السفسطائيّين كقوّة مفسدة بالمطلق، أو بالمقابل كموضوع للتأليه، يقترح المقال النظر في تلقيهم المعاصر ويكشف عن صورة أكثر تعقيدًا، بل ومفاجئة: فالسفسطائيّون يطلّون من جديد في لحظات الانكسار المعرفيّ التي تتطلّب إعادة تفكير في مفاهيم المعرفة والقوّة (مثلًا لدى نيتشه أو في كتابات لنسويّات)، وأحيانًا يُعرضون كعوامل تغيير ثوريّ وملهم. إسناد دور الأشرار للسفسطائيين، من أيام سقراط حتى دونالد ترامب، لم يُقصِ فقط طابعهم الطليعيّ، بل أيضًا شوّش على إمكانيّة أخذ التحدّي الذي يطرحونه بجديّة في عصر تتآكل فيه الحقيقة.

https://doi.org/10.70959/tac.61.2025.127156

مقالات اخرى في هذا العدد

No posts found.

الانضمام الى القائمة البريدية