رأي: يوم*النساء* العالميّ

هداس بن إلياهو | 10.03.2021 | تصوير: هداس بن إلياهو

دعوة لتقديم مقترح أو عرض، معروفة لدى الشرطة، العناية بالجسد، ما هي الأمور التي تثيرها هذه الكلمات لديك؟

عشية يوم *النساء* العالمي، تشدّد هداس بن إلياهو على المعنى الجندري لكلمات نستخدمها في حياتنا اليومية، وعلى أهمية التنظّم المشترك للنساء كقوّة تصنع التّغيير.

سبقتني نسرين مزاوي ونينا مزراحي في الكتابة حول هذا الموضوع، وها أنا أكتب مرّة أخرى عشية يوم النّساء العالمي-النساء واليس المرأة، بالجَمْعَة وليس بالمُفرَدة. وليس لأنّها الترجمة الأكثر دقة للصيغة الإنجليزية (International Women's Day) فحسب، بل أيضا لأنّ النية التي تشكّل قاعدة هذا اليوم، (وتشكل قاعدة التوجه النسوي بعامة) هي التعدّد- تعدّد الأصوات، والأنشطة، ووجهات النظر، والتجارب، والتموقعات الاجتماعيّة، والهُويات، باختصار: نساء.

من أجل تذكيرنا بأن نرى الأخريات، وأن نسمع الأخريات، وأن نعمل من أجل الأخريات، وأن نؤمن بالأخريات، وأن نعمل بالتّضامن مع الأخريات. تحدّ ليس سهل بتاتا. لكن عندما يجري تحويل المناسبة إلى يوم المرأة، عندها يشار إلينا بأنّنا كلّ واحدة لنفسها، واحدة وحيدة، جزئيّة في العالم، أو إننا أمر واحد-امرأة، ويمكن التعامل معنا وكأننا الأمر ذاته، وكأنّ الواحدة منا مثل الأخريات. على هذا النّحو يجري تفكيك قوّتنا المشتركة وتحييد إمكانيّة التغيير الكامنة في العمل الجماعيّ للنساء من مجموعات مختلفة ووجهات نظر مختلفة.

وكل هذا قبل أن نتحدث عن الترجمة السائدة لهذا اليوم إلى "احتفالات" استهلاك وتحسين الذات، ورعاية الجسد-احتفالات تغلَّف اليوم برائحة بطركيّة حادّة. فما قيمة أن نخصّص يوما في السنة للمرأة إذا لم نجري فيه حملات تنزيلات خاصة، ومحاضرات لرفع الوعي، وورشات لتحسين الثّقة بالنفس أو تحسين القدرات التفاوضيّة أو القدرات القيادية لدى المرأة؟

وما دمنا قد دخلنا مسار الانشغال بالكلمات ومقاصدها، فقد انتبهتُ في السّنة الأخيرة أنّ أحد الاختبارات الأوليّة التي يجب على المرأة أن تخضع لها، في حال قام رجل بقتلها أو حاول قتلها، هو أن تكون معروفة لدى الشرطة. في الماضي إذا كنت معروفا/ معروفة لدى الشرطة فهذا الأمر يعد تصنيفا سلبيا، تصنيفا للخارجين عن القانون، ولمن يعاودون ارتكاب المخالفات والجرائم، وبالتالي يصبحون معروفين لدى الشرطة. لكن السؤال الأول الذي يُطرح اليوم عندما يقتل رجل امرأة هو: "هل كانت معروفة لدى الشرطة؟" بكلمات أخرى: هل قامت بواجبها؟ وهل تصرفت بمسؤولية واشتكت في السابق ضدّ عنف القاتل؟ فإذا لم تكن الأمور على هذا النحو فربّما لن نصدّقها، ولن نتعامل بجديّة، ولن نحميَها، ولن نتجنّد من أجلها. فلتثبت بداية أنّها قد تصرّفت وفق القواعد والأنظمة التي حددها رجال، فلتتفضل وتذهب إلى محطة الشرطة وتقدم شكوى رسمية. فلتحول نفسها بداية إلى معروفة لدى الشرطة، وبعدها سنرى (ثمّة صيغة آخرى وهي: "معروفة لدى الخدمات الاجتماعية"، لكننا سنتوسع في هذا الأمر في مناسبة أخرى).

ثمّة خط مستقيم يربط بين الاحتفالات الاستهلاكية ليوم المرأة وبين أن تكون المرأة معروفة لدى الشرطة، وهو الرسالة البطركيّة التي مفادها أنّ كل امرأة لوحدها، ومن المفضّل أن تعتني بنفسها وتحسّن من مظهرها، وإن لم تفعل فقد تصبح ضحيّة للعنف ومعروفة لدى الشرطة. فليس هناك امرأة جيدة كما هي. وكي تعيش حري بها أن تحسن نفسها على الدوام بهذه الطريقة أو تلك، أو أن تحول نفسها إلى شيء يختلف عما هي في حقيقة الأمر.

لذا أقترح أن نتذكر أن الحديث يدور عن يوم النساء، وأن نتنظّم ونعمل في كل المواضيع سوية، الكثير من النساء، فعلى هذا النحو فقط سنمتلك قوة التغيير، والتأثير، وإبقاء البصمات. وربما دون أن نكون معروفات لدى الشرطة.

 

لقراءة المزيد من التقارير حول الموضوع – المساواة الجندرية في فترة الكورونا، لِمَ نعْمَل على مكافحة العنف إذا كان بالإمكان التحدّث عن الأمر؟

لمزيد من المعلومات حول النهوض بالمساواة الجندرية، نوصي بمشاهدة محاضرات عقِدت في المعهد حول موضوع النسويّة والجندر، وزيارة موقع هي تعرف مركز المعلومات حول موضوع النساء والجندر.

الانضمام الى القائمة البريدية