أرشيف المعهد: وجبة غداء في الشرق الأوسط

البروفيسور رفكا فلدحاي، ودانيئيلا شاربيط | 14.09.2022 | تصوير: معهد فان لير

ארוחת צהריים אירופה במזרח התיכון

"أي طعام سنطلب اليوم؟"، "من يريد تناول الطعام؟"، "هل نجلس في اللوبي العلويّ أم على العشب الأخضر؟". هذه الأسئلة تطرح كل يوم تقريبا في مجموعات الواتسآب في معهد فان لير. وجبة الغذاء المشتركة لموظفي وموظفات المعهد تمكّنهم من هجر الحاسوب لبعض الوقت، وإيقاف اللقاءات، والتحدّث والضحك سوية في منتصف النهار، والمشاركة في المشاريع التي يجري العمل عليها. وقت نوعيّ يساهم في عملنا جميعا.

عثرنا في الأرشيف على إحدى الصور التي خلّدت لحظة كهذه- من هم الأشخاص في الصورة؟ أرسلنا الصورة في مجموعة الواتسآب، وحاولنا الحصول على أكبر كمية من المعلومات من الموظفات والموظفين حول الصورة، والسّنة التي التقطت فيها، وذلك بالاستناد على نوع الملابس وقصّات الشعر، والتدخين داخل بناية مغلقة.

 

أوروبا في الشرق الأوسط

تمكّنا في نهاية المطاف فكّ اللغز- فالصورة توثّق لقاءا لمشروع البحث: "أوروبا في الشرق الأوسط: مفاهيم سياسيّة أساسية في الحوار بين الثقافات. جرى تنفيذ هذا المشروع في الفترة بين 1995-1998، وبادر له البروفيسور رفكا فلدحاي (الثانية من اليسار في الصورة)، ود. عزمي بشارة بإيعاز من البروفيسور يهودا ألكانيه (رئيس المعهد الأول). وبعد انتخاب بشارة للكنيست، انضم البروفيسور جوزيه برونر (الأول من اليسار في الصورة) للبروفيسورة فلدحاي وواصل الاثنان معا قيادة معالجة مسائل الهُويّة والقومية و"الآخرية"، والثقافة، والدين، والدولة، والعلمنة، والاستعمار، وتفكيك الاستعمار. نوقشت هذه المسائل على الدوام من منظور مقارَن ونقدي، من خلال السياق الإسرائيلي والشرق أوسطي، وليس من منظور غربي-أوروبي.

تطور المشروع من خلال الفوز بمناقصة أوروبية-إسرائيليّة بالتّعاون مع معهد الدراسات المتقدّمة في برلين، وشارك فيه باحثون أوروبيون وإسرائيليون، بمن فيهم عرب مواطني دولة إسرائيل وفلسطينيون من جامعة بير زيت، وجامعة النجاح وجامعة  بيت لحم وغيرها.

اللوبي العلوي في بناية فان لير، 1967، تصوير: دافيد روبينغير، يديعوت أحرونوت.
اللوبي العلوي في بناية فان لير، 1967، تصوير: دافيد روبينغير، يديعوت أحرونوت.

القوة الكامنة في مشروع البحث

انتهى البحث في صيغته الأولى عشية الانتفاضة الثانية، وهي الحدث السياسيّ الذي اثرت اسقاطاته السياسية تأثيرا حاسما على النتائج البحثية. على الرغم من ذلك لم ينتهي البحث تماما، بل أخذ شكلا جديدا مع  فوز د. رائف زريق والبروفيسور عَدي أوفير، والبروفيسورة رفكا فلدحاي بمناقصة لإقامة مركز منيرفا للعلوم الإنسانية في جامعة تل أبيب. أقام المديرون الثلاثة، ثلاث مجموعات بحث تناولت الحياة المشتركة، ومعجم المصطلحات السياسية الذي أقيم كمجلة حملت الاسم ذاته، وأسئلة المعرفة في الترحال. هنا أيضا برز التعاون بين باحثين إسرائيليين (من العرب واليهود)، وباحثين أوروبيين وأمريكيين.

منح تمويل صندوق منيرفا الألمانية، في الأصل لخمس سنوات، وجرى تمديده لـ 13 عاما حتى نهاية العام 2022. بصمات هذا المشروع بادية للعيان في أيامنا هذه، ويحظى ميراثه الفكري بمفاهيم جديدة  في إطار قسم العلوم الإنسانية في جامعة تل أبيب. علاوة على ذلك تبنّى معهد الدراسات المتقدمة في برلين هذه الفكرة، وافتتح برنامجا يتمحور حول أوروبا والشرق الأوسط. يعمل هذا البرنامج بجوار سائر مجموعات المعهد التي تضم خيرة الباحثين في العالم.

تولدت بفضل هذا المشروع مجموعة من الباحثين والباحثات والمفكرين والمفكرات من ذوي الوعي السياسي والاجتماعي العميق. فالإرث المركزي لهذا المشروع مزدوج: إرث فكري وآخر اجتماعي-ثقافي.

 

لقراءة المقالات السباقة لزاوية الأرشيف: المكتبة كناد اجتماعي، أنموذج من التضامن.

الانضمام الى القائمة البريدية