رأي: عاملات من أجل المساواة – يوم النساء العالميّ

هداس بن إلياهو | 08.03.2022 | تصوير: Vogue, 1974

פועלות לשוויון

عشية يوم النساء العالمي، تطرح هداس بن إلياهو، هذا العام أيضا، موضوع غياب المساواة الجندري في أعمال العائلة وفي عالم التشغيل، وذلك على ضوء وجهة نظر امرأة شابة ملّت من قوانين اللعبة الجندرية المتعارف عليها. هل ثمة طريقة لتغيير هذه القوانين والسعي من اجل مساواة حقيقيّة؟

أقود مركبتي في طريقي إلى العمل في القدس، وتجلس ابنتي إلى جانبي، وتنهمك في حل مسائل في الفيزياء، حيث تدرس في الفصل الأول من انخراطها في الجامعة. نتحدث بين حين وأخر حول المستقبل، فأكتشف أن الكثير من الأمور التي اعتبرتها مفهومة ضمنا بالنسبة لمستقبلها، ليست كذلك بالنسبة لها إطلاقا، ومن المؤكد أنها ليست مفهومة ضمنيًا. المسار الاجتماعي للدراسة الجامعية ومن ثم العمل لسنين طويلة يبدو لها مقفرا ومثيرا للإحباط.

 

أمٌ تُعيل، أم تُرَبّي

نمط الحياة العائلي المتعارف عليه: التعرف على شاب/فتاة، ومن ثم مأسسة العلاقة، وتربية الأطفال، هذا النمط يبدو لها "ثقيلا" وليس ضروريا. التقسيم غير المتساوي للأعمال العائلية (العمل غير المرئي المتمثل في رعاية أبناء وبنات العائلة، والأعمال المنزلية) بين الزوج والزوجة، اللحن اللا نهائي الذي يحتاجه الأهل (ولا سيما الأمهات) من أجل إقامة، وتربية/ وإعالة العائلة – صورة المستقبل هذه تخلق لديها شعورا بالنفور، ولا سيّما على ضوء المعرفة بأنها (أي صورة المستقبل) ترتكز على نظام اجتماعي-جندري لم يطرأ عليه أي تغيير تقريبا على امتداد سنين طويلة.

التغيير الأساسي الذي حصل في عشرات السنين الأخيرة هو حركة النساء الدؤوبة من البيت إلى خارجه: زيادة في نسبة النساء اللواتي يشاركن في سوق العمل. في المقابل لم يحصل أي تغيير تقريبا لما يحصل في داخل البيت – في الوقت الذي يبذل فيه الرجال جهدا ووقتا في تنفيذ الأعمال غير المرئية. الشروط والقوى التي تحافظ على الفجوات بين الرجال والنساء – في الحيز الخاص، في العائلة، وفي الحيز العام، في سوق العمل – لم تتغير تقريبا. من السهل أن نقول للمرأة: "كوني أكثر حزما مقابل زوجك كي يذهب لإحضار الأطفال من الروضة مرتين في الأسبوع، كي تتمكني من البقاء في العمل لساعة متأخرة، وعندها ربما تستطيعين طلب علاوة على الأجر"، وهذا أسهل بالطبع من تقصير أسبوع العمل في إسرائيل كي يتمكّن الرجال، وتتمكن النساء من إدارة حياة عمل وأسرة بطريقة أكثر إنسانية.

יום הפועלת הבינלאומית בארגון אמהות עובדות לוד, 1961. צילום: יד ביד Pikiwiki Israel
يوم العاملات في منظمة أمهات عاملات اللد، 1961. تصوير צילום: يد بيد Pikiwiki Israel

 من مصانع النسيج للمرأة في القرن الـ21

تمتد جذور يوم النساء العالمي إلى النضالات التي شنتها النساء اللواتي عملن في صناعة النسيج في نيويورك في بداية القرن الماضي من أجل تحسين أجورهن وشروط عملهن، وتعريفهن كعاملات مهنيات. الكثير من هؤلاء العاملات كن نساء يهوديات هاجرن من أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتعرفن عن قرب على نشاط النقابات المهنية في أوروبا من أجل تحسين شروط عمل وتشغيل العمال. شمل نضالهن إضرابا متواصلا استمر لمدة عام واحد، وانتهى باتفاق مُوَقّع أفضى إلى تحسين شروط الأجر والعمل، وإلى تقصير ساعات العمل التي وصلت حتى ذلك الوقت إلى 65–75 ساعة في الأسبوع.

ثمة مفارقة في أن الإنجازات المتراكمة لتحسين أوضاع النساء في سوق العمل، من عاملات في قطاع النسيج قبل أكثر من مئة عام وحتى اليوم، قد ساهمت في خلق واقع معيشي تعتبره نساء نسويات شابات بأنه يدفع إلى النفور. أرى أيضا أن الأزواج الذين يؤسسون حياتهم المشتركة على مفاهيم وتصورات متساوية يجدون أنفسهم داخل تقسيم مُجَنْدَر للغاية وغير متساو للعمل بعد إنجاب الأطفال، إذ من الصعب إبقاء النظام الاجتماعي-الجندري خارج حدود المنزل.

تمحورت النضالات لتحسين أوضاع النساء على امتداد السنين في الحلبة العامة، لا سّيما في طريقة مشاركة النساء في سوق العمل – كمنع التمييز في التشغيل، وتوسيع مجالات العمل، وتقليص فجوات الأجور، وتحطيم السقف الزجاجي، والتمثيل المتساوي، واكتساب التحصيل العملي، وغير ذلك. تُجسد ابنتي بدرجة كبيرة نجاح هذه النضالات، لكونها اختارت دراسة الفيزياء، ما يرافق هذا الموضوع من أفق تشغيلي. لكن توسيع مجالات التحصيل العلمي والتشغيل للنساء لم يفضي إلى تغيير أنماط عمل الرجال، على النحو الذي تلائم فيه هذه الأنماط حياة العائلة، ويعود الأمر – فيما يعود – إلى أنّ تراجع القيمة الرمزيّة والاقتصادية لمهن العلاج والرعاية – التي ما انفكت تقترن بالنساء – يدفعهن للخروج من هذه المهن، لكنه لا يشكل محفزا للرجال للدخول إليها.

هذه الأمور تطرح الأسئلة التالية: هل يمْكن العمل من أجل التغيير في تقسيم العمل الجندريّ في الحيز الخاص كذلك؟ وكيف يمكن العمل من اجل الاعتراف بالأعمال الشفافة وتأثيرها على حياة النساء؟ ما هي الأثمان التي يدفعها الرجال على طريقة مشاركتهم في أعمال العائلة؟

أتمنى لنا جميعا أن نحيي في يوم النساء العالمي بعد عقد من الآن تحسينا ملحوظا ومهما في هذه المجالات أيضا.

 

للتعمق حول هذا الموضوع نوصي بقراءة مقالات ومشاهدة محاضرات حول موضوع النسوية والجندر.

الانضمام الى القائمة البريدية